حراسة الخواطر...

ولابن القيم الجوزية كلاماً ناجعاً في هذا المقام
اسأل الله أن ننفع به أنفسنا و غيرنا من المسلمين .. فاقرأ بتدبر يا رعاك الله
قال ابن القيم الجوزية-رحمه الله- في كتابه طريق الهجرتين وباب السعـــادتين :

قاعدة في ذكر طريق قريب يُوصل إلى الأستقامة في الأحوال و الأقوال و الأعمال وهي شيئين :أحـــدهمــا : حراسة الخواطر و حفظها و الحذر من إهمالها و الاسترسال معها , فإن أصل الفساد كله من قِبلها يجئ , لأنها هي بذر الشيطان و النَفَس في أرض القلب فإذا تمكن بذرها
تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى حتى تصير إيرادات , ثم يسقيها حتى تكون عزائم ,ثم لا يزال بها حتى تثمر الأعمال.ولا ريب أن دفع الخواطر ايسر من دفع الإيرادات و العزائم , فيجد العبد نفسه عاجزاً أو كالعاجز عن
دفعها بعد أن صارت إرادة جازمة , وهو المفرط إذا لم يدفعها وهي خاطر ضعيف , كمن تهاون بشرارة
من نار وقعت في حطب يابس , فلما تمكنت منه عجز عن إطفائها.
فإن قلت : فما الطريق إلى حفظ الخواطر ؟
قلت: أسباب عدة:1/ العلم الجازم بإطلاع الرب سبحانه و نظره إلى قلبك وعلمه بتفصيل خواطرك.2/ حيــاؤك منـه.3/ إجلالك له أن يرى مثل تلك الخواطر في بيته الذي خُلق لمعرفته و محبته.4/ خوفك منه أن تسقط من عينه بتلك الخواطر.5/ إيثارك له أن تساكن قلبك غير محبته.6/ خشيتك أن تتولد تلك الخواطر ويستعر شرارها فتأكل مافي القلب من الإيمان ومحبة الله فتذهب به جمله و أنت لاتشعر.7/ أن تعلم أن تلك الخواطر بمنزلة الحَب الذي يُلقى للطائر ليُصاد به , فاعلم أن كل خاطر منها فهو حَبة في فخ منصوب لصيدك و أنت لاتشعر.8/ أن تعلم أن تلك الخواطر الرديئة لا تجتمع هي وخواطر الإيمان ودواعي المحبة و الإنابة أصلاً
بل هي ضدها من كل وجه , وما اجتمعا في قلب إلا وغلب احدهما صاحبه و أخرجه و استوطن مكانه , فما الظن بقلب غلبت خواطر النفس و الشيطان فيه خواطر الإيمان و المعرفه و المحبة فأخرجتها و استوطنت مكانها , لكن لو كان للقلب حياة لشعر بألم ذلك و أحسَ بمصابه.9/ أن يعلم أن تلك الخواطر بحر من بحور الخيال لا ساحل له , فإذا دخل القلب في غمراته غَرِق فيه وتاه في ظلماته فيطلب الخلاص منه فلا يجد إليه سبيلا , فقلب تملكه الخواطر بعيد من الفلاح , معذب مشغول بما لا يفيد.10/ أن تلك الخواطر هي وادي الحمقى وأماني الجاهلين, فلا تثمر لصاحبها إلا الندامة و الخزي ,و إذا غلبت على القلب أورثته الوساوس و عزلته عن سلطانها و أفسدت عليه رعيته و ألقته في الأسر الطويل.
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدرس السادس : ترقية ال AwStats الى الاصدار 6.0

قصة العابد والشجرة----قصة جميلة وقصيره

التخطيط الشخصي